مساء أمس جلست أتصفح في بعض المواضيع القديمه فى جهاز الكمبيوتر الخاص بي فأذا بى أجد موضوع في غاية الروعة عن عالم الصيد ولا أعلم من أين حصلت علي هذا الموضوع وأخشي أن أكون قد نقلته من منتدانا من فتره بعيدة أو من أي منتدي آخر أعذروني أخواني الأحباء لا أتذكر ولكن الموضوع يستحق القراءة أترككم معه.
في عالم الصيد :
قد لا يعرف الكثيرون أن المرحوم الشيخ / أحمد حسن الباقوري له كتاب بعنوان في عالم الصيد ؛؛
وهذا الكتاب من إصدار دار المعارف في حوالي عام 1984م ويقع في 246 صفحة من القطع المتوسط ويخلو من الصور أو الرسوم التوضيحية
والمدهش في الأمر أن الشيخ رحمه الله قد أعطانا مؤلفا متخصصا في فن الصيد يحتوي علي إثنتى عشر بابا تتناول الموضوعات الأتيه : -
الصيد طليعة الحضارة , الحيوان بين الغريزة والعقل , الإنسان حيوان ناطق , وسائل الصيد , الضواري , الجوارح , وسائل صيد أخري , منافع الصيد , مناقب الصيد , أحكام الصيد الصيد بين النعمة والابتلاء , طرائف حول الصيد.
ونعود إلي عالم الصيد للشيخ / أحمد حسن الباقوري :
يبدأ الكتاب بإهداء قيم يتطلب التأمل العميق فيقول : إلي الذين يعنيهم أمر الصيد في دنيا الإيمان وفي طليعتهم أولئك السادة الذين ينظرون إلي الإسلام في أفق أعلي فيرونه حضارة كاملة تسطحب روح الدين في شئون الحياة الآخــــــــرة ( يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها وتوفي كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون ) الصيد طليعة الحضارة هذا هو عنوان الباب الأول ويعرض فيه كيف استطاع الإنسان الأول أن يدير قوته بواسطة حرفة الصيد ، فالصيد هو الأساس الذي قامت عليه الحياة الإنسانية كان هو مصدر الغذاء الوحيد ، وعندما وجدت مشكلة الغذاء طريقها إلي الحل عرف الإنسان حرفة الرعي بعد أن نجح في استئناس الحيوان الذي كان يطارده في الصيد فيقع بين يديه حيا أحيانا , ثم استقر الإنسان في مكان واحد عندما تعلم حرفة الزراعة فأصبح الصيد هواية بعد أن كان حرفة.
والكتاب زاخر بشرح العديد من وسائل وطرق الصيد التي كان يستخدمها الأقدمون مثل : الزبي – الاحتراش – الاختداع – القسي – السهام – الجلاهق – الاشراك والتدبيق .. ( والزبي هو عش للتخفي ويوصف في أيامنا هذه " باللبدة " ، أما القسي والسهام والجلاهق فكلها أنواع لسهام وأقواس تستخدم في الرمي ) والتدبيق هو استخدام الغراء والمواد اللاصقه للإيقاع بالطير أو الحيوان , ويشرح الكتاب كيفية استعمال كل هذه الأدوات ةوالطرق ويخصص بابا للجوارح ويصف طباعها وسلوكها وأنواعها وغذائها فمنها العقاب والباز والزمج والصقر والشاهين والباشق وكل هذه الأنواع تدرب علي الصيد .
ويحكي كذلك عن الكلاب في الصيد ومهارتها في البحث والمطاردة والامساك بالفرائس , فقد نجح الأقدميون في تدريب الكلاب علي صيد الأرانب والظباء والماعز الجبلي والثعالب.
ويثني الشيخ رحمه الله علي الكلاب السلوقية في الصيد ويصفها بأنها من أحرار الكلاب , والكلب السلوقي لايجارية كلب آخر في المطاردة والسرعة ويقال له سلوقي نسبة إلي بلدة سلوق في اليمن.
الحيوان بين الغريزة والعقل :
يشرح لنا الشيخ في هذا الباب الغريب والعجيب في سلوك الحيوان عندما يظهر أن العقل يوجه هذا السلوك أحيانا وليس الغريزة كما هو معلوم عن الحيوان الذي يتحرك بالغريزة والفطرة ويضرب لنا المثل بالآيل وهو الماعز الجبلي صديق السمك الذي يمشي علي الساحل ليري الأسماك وكذلك تقترب الأسماك من الشاطئ لتري الآيل , ويعرف الصيادون هذا فيلبسون جلد الآيل ليقصدهم السمك فيصيدوا منه ، ويقول أن الآيل مولع بأكل الحيات وعندما تلسعه الحية تسيل دموعه إلي نقرتين تحت محاجر عينيه فتجمد الدموع حتى تصير كالشمع فيتخذ الناس منها تريقات لسم الحيات .. وإذا أكل الآيل الحية اعتراه عطش شديد فيذهب إلي الماء لكنه لا يشرب أبدا وإنما يدور من حول الماء يتشممه وينظر إليه وكأنه يتصبر برؤيته وتشممه ، فلماذا لا يشرب الآيل وهو ظمأن بعد أن أكل الحية ؟؟ أنه يعلم أن السم يجري مع الماء في الجسم ويدخل إلي مسارب لم يكن ليبلغها الطعام دون الماء ؟؟
منافع الصيد :
في هذا الفصل يعدد الشيخ / الباقوري منافع الصيد وأولها الرياضة البدنية المتمثلة في كثرة الحركة من جري وهرولة وقفز واتخاذ لا وضاع مختلفة , ووضع الاستعداد ووضع التحفز والزحف فضلا عن أنه ينمي في الإنسان قيمة الصبر والتأني والجلد وقوة التحمل.
ولكثرة منافع الصيد فإن الرغبة في مزاولته تتملك الناس علي اختلاف طبقاتهم فالصعلوك كالملك كلاهما حريص علي الصيد وبه شغوف , كلاهما ينشد فيه اللذة والقائدة ، والصيد ألذ غذاء وأنقي طعام فالنفس دائما تشتهيه وتتشوق إليه وهو حي يجري أو يطير وما أن يقع فد يد الإنسان حتى تنمو الرغبة وتتفتح الشهية لتذوقة ، وكان العرب لا ينفكون يفخرون بالصيد وأكل لحمه .. وأحيانا يكون الصيد وقاية وعلاج فكثرة الحركة في أحضان الطبيعة واستنشاق الهواء النقي والتأمل في عظيم خلق الله وإرسال البصر إلي مرمي الأوفق بحثا عن طائر أو حيوان كل هذا مما يدرب الحواس ويعطيها اللياقة ويزيد من قدرتها .ويحفل الكتاب بكثير من الحكايات والنوادر والقصص عن الصيد وعالم الصيد , ومعظم هذه الحكايات وقعت في بادية الجزيرة العربية وبعضها في غابات الهند وغابات السودان .
ويعتبر في عالم الصيد من الكتب النادرة في المكتبة العربية وهو جدير بالقراءة وجدير أن تحتفظ به في مكتبتك تطالعه من وقت لآخر ، بين سطور هذا الكتاب يعرف القارئ أن الصيد له آداب وفيه حكمة وأخلاق وفيه عبرة وعظة .. وإن لم يكن الصيد هكذا كان القتل.
الثلاثاء يناير 24, 2012 12:19 am